…… الجُهْد المَهْدُوُر ……

 

بِقَلَم / نُــور عَلَــم الدِّيِــن

من الضروري أن تُدرب عقلك علىٰ أن يكون أقوي من عواطِفك وإلا ستخسر قيمة نفسك في كل مرة تتحكم فيها العاطفة ، فالإنسان الذي قرر مواجهة الحياة ومصاعِبها والآلآم التي بداخلهُ وتقَبُّلهُ للماضي الذي يُطاردهُ ليوقف دائرة الإساءة من النفس والآخريين ، هو إنسان تَيقن بأن رحلة التعافي ليست نُزهه ولا بوابة تُفتح لكَّ كُلما شِئت ، وإنما هي رحلة نمو ووعي وتصحيح مسار مليئ بالألم في بدايتُها ، والفرح في نهايتُها ، لكن ألمُها هو ألم الشفاء ، فالكل لديهِ جانب مُحطم تمامًا ، يُحاول إصلاحه كل ليلة ، فلا تُهدر قلبك وتجعل فوضىٰ الحياة تُقلقك ، فإن الله مَن يَتوليّ ترتيبها بطريقة مُبهرة ، و ليس من الضروري أن تبحث في أن يكون لك مكان في قلوب البشر ..
فقلوب البشر أغلبهم أصبحت ضيقة لا تتسع للجميع … أصبح كل شئٍ في هذا الوقت مُتاح وليس فيهِ عيبًا , ولكن لا بأس سوف نُبالغ يومً في فرحتُنا ثأراً من الأيام التي بكينا وتألمنا وأهدرنا وقتنا فيها عبثًا ، فَكُن يَقِظًا ولا تَكُن جاهلاً بما يدور من حولك ولكن لا تُهدر فِكرك لأن الأمر لا يستحقُ الإلتفات ..
فعِلاقاتنا الإنسانية مهما كانت عميقة وإن لم تزرع فيك الطُمأنينة وتُحقق لك الأمان وتقودك للأجمل فهي علاقة عابرة وحتماً ستدفع ثمن التورط فيها ، وكأن الخطأ الذي نرتكبهُ هو أننا كُنا حقيقيِين في عالم أغلب ما فيه زائف ، وإن كُنت قويًا بما يكفي ، فالرياح لابُد وأن تَهُب تجاهك ولكن يحميك الله دائمًا بنواياك الصادقة ..فإطمئن ..

لقد سمع الله لمن دَعىٰ بالثبات ، والفوز للصادقين ، ولو كان هُنالِك مِن حكمة تُلخص هذة الدنيا فستكون بكل بساطه … إستمر ..
فليس عليك فعل ما يفعلهُ الجميع ، فَإختلافك هو مايُميزك والنجاح ليس هو أن يكون لديك سيرة حياة خالية من العثرات والسقطات بل هو أن تمشي علي أخطاءك وتتخطَّىٰ كل مرحلة ذهبت جهُودك فيها هدرًا وتنظُر متطلعًا إلي المرحلة المُقبلة ، فإن كان لديك طموح ووظيفتُكَ لم تمنحُك تحقيق هذا الطموح فلا تُهدر وقتًا طويلاً بتواجُدك فيها وإبحث عن غيرها حتي وإن هذا أستغرق وقتًا طويلاً في البحث لِتُحقق نجاح يَجعلُكَ تشعر بقيمة نفسك وتَميُزك ، لك ولمن حولك ، فيعنينا جدًا أن نَمُر بسلام في هذة الحياة وأن يُكافئنا العُمر بالرضا ، فكلُنا في ذمة الله ولكن مع مراعاة فروق التوقيت لذلك أصبح كل نقص في أعيُننا هو الكمال بالنسبة لنا ، فمن أين لبعض البشر تلك الكلمات التي يصعُب علي القلب أن يصَمُد بعدها ؟ ..
كيف يصنعون ذكريات أليمة ؟! ….
ومالذي يدفعهُم لكلمة ” سوداوية ” تولد معها عتمة في روح أحدهُمَّ ؟…
أين قلبهُ وهو يُخبرك بأنك تحتاح للشفقة لأنك لم تنجح .. لم تُنجز مُهمتك علي أكمل وجه ..
لِماذا أُحبطت يومًا وأنت تركض وراء هدفك ؟!……
هؤلاء مُستنقع من الأذىٰ ، رُبما ليست الغرابة في كلماتِهم ولكن الغرابة حقًا في انهم كيف يطيقون العَيش في ذواتِهِم ، ولإن أغْلَبُنا لايَصْلُح للعدوات ولا يُتقن المكائِد ولا يُطيق الأماكن المشحونة بالعداء ، حينها نُهدر وقتًا طويلاً في إضارئِهم و هم لم يكترثوا لنا ..
لذلك لا تستند لهم مهما توالت لك الأكتاف ، فلا يضمُد أحدًا جروحك ، فهناك من يجرحك فقط ، لإن الأبيض فينا يُزيد سوادهُم والأسود فيهم يبرز بياضناً ، و خوافىٰ الأخلاق تكشفها المُعاشرة ( عليّ بن أبي طالب ) ..

حقا .. إنها كانت خدعة لإننا تجاهلنا الأدلة فلا تسير وتسعيّ في الطرقات الخاذلة ثم تشتكيّ من الخُذلان ، فلولا البكاء الذي لم يراه أحد والحزن الذي لم يشعر بهِ أحد والوحدة التي ضاق الصدر منها ، لمتنا قهرًا ، فلا تَكُن كالضيف الثقيل يَتَمنىٰ أن يظل متواجدًا دائمًا ولكنه يَرىٰ الرفض في أعيُن الحاضرين ، فيرحل مُتخاذل ..
فأحيانًا رحيل مؤلم أفضل من بقاء يحتضر ، لذلك حينها نلجأ للغُرباء ، حين يحتاج المرء أن يبوح بتعبهِ وألمهِ مع شخص غريب لم يعرف عنهُ شيئًا سويّ ملامحه يروي له ما بداخلهُ دون تصنُع بصدق دون خوف أو تردد يحتاج لمن يَصْغَىٰ إليه عندما يتحدث ينصت بقلبه لا بلسانه فينتزع سمعك وعقلك وفكرك حينها يكون ملاذًا لك في تفريغ همومك ..
ثم نتوقف عن الحديث ونتسائل هل هذا يجوز ، ودون أن نشعُر نقف ونُغير الإتجاه ثم نركض للزواية ، لأننا لم نَنل شيئًا وكل شئٍ نال مِنَّا ، و الغريب للأسف ينتبه لوقوع الكأس و لم ينتبه لرجفة الأيدي ، فلقد أهدرت قلبك لمن لم يأنس به ..


إذًا فالتعلم أن ليس كل مايواسيك خاليًا من الألم ، فقد يشاطرك الغريب ماتقولهُ ويهبك الراحة في الحديث ، فمهما حاولت أن تكون معهُ ثرثارًا أو أن تكون عصريًا أو حَتىٰ أن تكون مُندفعًا أو أن تكون غير ما أنت عليه حتماً ستعود بعد كل هذا مُرهقاً للإنزواء ، فأغلبُنا لا يُناسبهم إلا القهوة المُرة وهم بعُزلتهم وهدوء أيامهم والإختباء التام ..
لذا فيعنيني جدًا فكرة ” إرعاني أكثر من أن أُغَيرني ” .. فنحن في زمن كل البشر تُدَّعِي أن سبب تعبهُم في الحياة طيبة قلوبهم وصدق حديثهم ورزانة نفوسهِم ولكن في الحقيقة لو كانت هذة الصفات فينا جميعًا لبقينا في سلام وهدوء ، لأحببنا بعضنا البعض وما المصالح جمعتنا وماغدرنا يوميًا ، فنحن أعزائي في الزمن الذي يهرب فيه المرء من صفاته الحقيقة ليعِيشها مع نفسهِ في الخفاء ويتقمص صفات آخري تُناسب ما هو به في العلن ثم بعد ذلك تضيع فِينا الصفات الحميدة فلا نعود نفرق بين الصادق والكاذب والخائن والآمين والمنافق ..
لذلك فلنتمسك بالخير الذي فَطَرَنا الله عليه أن نُوَطِّن أنفُسنا وإن خالفنا العالم بأكمله …
فيا خالق الروح إن الارواح مُتعبةٌ…
وأخيرًا ……
نعوذ بالله من أن ننتكس فنفعل ما كُنَّا ننهي الناس عن فعلهِ ……
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Related posts

Leave a Comment